بسم الله الرحمن الرحيم
(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) (الصف6).
بيان
الثأر للمسلمة التي قتلت في (ألمانيا) بسبب إسلامها وحجابها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لا يخفى على أحد من العالمين إن أمريكا تقود أكبر حملة ضد الإسلام والمسلمين، فمع حملاتها العسكرية وغزوها المباشر للمسلمين في عقر دورهم، تقود حملات إعلامية وسياسية هدفها تشويه صورة الإسلام والتخويف من المسلمين، وتنمي مشاعر الحقد والكراهية في نفوس مواطنيها ومن على شاكلتهم تجاه المسلمين ودينهم الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وما ذلك إلا بعد أن وصل الإسلام إلى عقر دارهم بلا جعجعة سلاح ولا هدير دبابات أو أزيز طائرات، يتمثل ذلك بالإقبال الكبير من مواطني أوربا وأمريكا على تعلم الإسلام ومن ثم اعتناقه بعد أن وجدوا فيه حياة لقلوبهم وخروجاً من التيه والحيرة اللذين يخيمان على الحياة الغربية، وهذا ما رآه ساسة أمريكا ودهاقنة اليهود والصليبيين (خطراً) يتهدد دولهم، وبدل أن يعملوا بما يدعون من قوانين ويقوموا بما يزعمون من احترام الحقوق، اشمأزت قلوبهم وامتلؤا غيضاً، قال تعالى:
(وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر45)
وزادوا على دعمهم اغتصاب اليهود لبلاد المسلمين بغزوات عسكرية واحتلال مباشر، ومن أجل التبرير لها وتسويقها وإقناع شعوبهم بالدفع لتمويلها، ومن أجل إجلاء المسلمين العاملين بتعاليم دينهم القاطنين في بلاد الغرب قادوا حملات التشهير والكراهية تلك، ومن ثم تمهد لهم الطريق لينسفوا ما كانوا يتباهون به من قوانين يضعونها في خانة (حفظ الحريات الشخصية أو الجماعية واحترامها) أو غير ذلك، فانطلى الأمر على بعض شعوبهم المغيبة بما أذهب عقولهم من ملذات وملهيات الدنيا الخبيثة والمسلمة عقولها لماكنةٍ إعلامية لا قبل لهم بالتحرر من قيودها، فخلقت تلك الحملات كراهية في أنفس بعضهم وتجرأ كثير منهم على الاعتداء على المسلمين هناك، حتى كان آخر ذلك ما قام به أحدهم بالتعدي على إحدى المسلمات في (ألمانيا) والسخرية منها ومن حجابها ومن ثم قتلها داخل مؤسسة قضائية وبتغطية من الحراس الذين لم يمنعوا القاتل من فعلته بل وتردد كثيراً في بعض وسائل الإعلام أنهم منعوا زوجها من الدفاع عنها وأطلقوا عليه النار وأصابوه إصابة خطرة، هذا إضافة إلى أنه يفترض أن لا يدخل مثله تلك المؤسسة التي حدثت فيها الجريمة إلا بعد أن يجرد من مثل الأداة التي استعملها في جريمته.
من أجل ذلك كله ولأن أمريكا هي التي تحتل بلاد المسلمين وهي المسؤولة عن احتلال آخرين لها وهي التي ترفع لواء العداء للإسلام والمسلمين، وهي التي غررت ببعض شعوبها وأمثالهم وزرعت في أنفسهم الحقد ضد المسلمين وهي التي رملت المسلمات ويتمت الأطفال وقتلت الرجال، فإننا لا نجد أقرب إلى أيدينا لنثأر منه لمقتل تلك المسلمة، من الصليبيين الغزاة جنود أمريكا، ولا نجد أشفى للصدور عند الثأر ما نجده من قطف رؤوسهم في بلاد الرافدين. يدفعنا لذلك ديننا وغيرتنا على أعراضنا وسكوت أمة مكبلة بحكام استأسدوا على شعوبهم وخنعوا لعدوهم، طغاة جثموا على صدور أبنائها وقيدوا أحرارها وألجموا أفواههم وكبلوهم بالقيود والأصفاد. فأين عمر الفاروق الذي يرأف على نفسه من أن يسأله الله عن نعجة تتعثر في بلاد النهرين: لِمَ لَمْ تُعَبِّد لها الطريق؟ وأين هو المعتصم الذي وصلته صرخة حرة تعدى عليها نصراني فنادت: وامعتصماه؟ فما أوقفته وجيشه أسوار عمورية حتى فتحها وثأر لعرض تلك المسلمة وحفظ كرامة الأمة. أين من يحمي الديار ويصون الكرامة؟ يتلفت المسلمون اليوم فلا يجدون إلا من شيد لهم السجون وحفهم بالجلادين وتسابقوا أيهم يصير أبا رغال عصره، وما أكثرهم اليوم، وما أكثر ما جاؤوا بالعدو إلى الديار.
فيا أمة الإسلام، والله لا حياة لك إلا بالجهاد ولا عزَّ لك بسواه، ولن يعيد مجداً سلبه الغزاة بالحديد والنار إلا الجهاد في سبيل الله، بل والله ما أصابنا الذلُّ إلا لأننا تركنا جهادنا، ورضينا بمؤتمرات الخنوع ومعاهدات التنازل وبيع الأرض والعرض، ونبذنا قرآن ربنا وإسلامنا وراء ظهورنا ورضينا بشريعة الغزاة والمحتلين ديناً نبيع لهم به دنيانا ونضيع أجيالنا ونخسر آخرتنا. ووالله إن أولئك الشباب الذين يقارعون الغزاة ويشتبكون بصدور مفتوحة مع جيوشهم المجهزة بأحدث الآليات والسلاح، هم فخر الأمة وأملها بعد الله في التحرر والنهوض بها وإخراج الناس من ظلمات عبودية العباد إلى نور عبادة رب العباد، وإن تم للمسلمين أمر دولة تقيم الإسلام، جهاداً وسياسة وقضاءً ونظاماً اقتصادياً، لتقبلن شعوب الأرض وأممها إليهم تهتدي بنورهم وتتفيَّأ ظلال دينهم كما كان عليه الأمر يوم كان للمسلمين دولة تمتد من المشرق إلى المغرب وخلافة تقيم حكم الله في الناس وترعى معاشهم ومصالحهم، وليكونن الأمر (خلافة على منهاج النبوة) عما قريب إن شاء الله، كما أخبرنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولقد علمنا أن تلك المسلمة لم تقتل إلا لإسلامها وحجابها لا لسواهما، فعزمنا على أن نثأر لها دون النظر في تفاصيل أخرى لا تغير من الأمر شيئاً، لا سيما بعد أن لم نجد من يتولى هذا الأمر (الثأر لها)، ولأننا وجدنا أمة غاضبة لا تعرف كيف ومن أين تثأر، وعزت علينا دماؤها وحرمتها كسواها من المسلمات، وأحزننا فعل من ابتغى العدالة من محاكم القتلة وقوانين الكفر، وطالب بالاكتفاء بذلك وكأنها قضية شخصية، وكأن الأمر شجار عادي وكأنها لم تقتل بسبب دينها، لذلك فقد انبرى لهذا الأمر جماعة من شبابنا وأقسموا أن يثأروا للدم من دم القتلة الذين كانوا وراء هذه الجريمة وغيرها، كما ثأروا بالأمس لأهلنا في الدورة، ويثأرون كل يوم لدينهم وأهليهم من الغزاة، فوفقهم الله لذلك بتدمير آلية صليبية في بغداد برمانة حرارية ومقتل وإصابة من فيها، والحمد لله، رغم أن الصدور لم تشفَ بعد، فالدماء التي في أعناق المحتلين كثيرة، وثاراتنا معهم لا تنتهي حتى يزول احتلالهم عن آخر شبر من بلاد المسلمين ويهنأ المسلمون بحكم إسلامهم.
ونتوجه إلى المسلمين القاطنين في بلاد الغرب أن يتمسكوا بدينهم ويحافظوا على شعائره، ويزنوا استيطانهم هناك بميزان الشرع، فمن أباح الشرع له البقاء مكث إن شاء، ومن كان حكمه أن يخرج إلى بلاد إسلامية أو يبتغي مكاناً آخر يحفظ فيه عرضه ودينه وجب عليه الانصياع لشرع الله، ففي الأمر تفصيل لا يخفى على أهل العلم ولكلٍّ حالٌ يناسبه حكمٌ شرعي، نسأل الله أن يحفظهم وأعراضهم ويستخدمهم لطاعته ويسكنهم حيث يرضى.
قال تعالى:
(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) (البقرة120