صلة الاقارب وصلة الارحام صلة الاقارب مندوبة وصلة الارحام فرض، اما ان صلة الاقارب مندوبة فلما روى ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : من ابر ? فقال له الرسول عليه السلام( امك واباك واختك واخاك ) ولما روى عن اسماء بنت ابي بكر قالت :اتتني امي وهي مشركة في عهد قريش ومدتهم اذ عاهدوا النبي مع ابنها،فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ان امي قدمت وهي راغبة .فقال (نعم صلي امك ) وقال عليه السلام ( وابدأ بمن تعول : امك واباك واختك واخاك ثم ادناك فادناك ) فهذه الاحاديث دليل على صلة الاقارب، وهي لم تقترن بالوعيد ولا بقرينة تدل على الوجوب وبما ان موضوعها وهو البر مما امر الشرع به فيكون موضوعها قرينة على الترجيح فتكون مندوبة .
واما صلة الارحام فواجبة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال( من احب ان يبسط له في رزقه،وان ينسأ له في اثره فليصل رحمه ) وقال عليه الصلاة ولاسلام ( لا يدخل الجنة قاطع رحم ) وقال صلى الله عليه وسلم( ان اعمال امتي تعرض عشية الخميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم ) فهذه الاحاديث دليل على صلة الارحام، وقد اقترنت بالمدح، واقترنت بالوعيد فكان ذلك قرينة على ان الطلب طلب جاز، ومن هنا كان فرضا، فصلة الارحام فرض، وقطيعة الرحم حرام، فقد ورد في الصلة امر جازم فكانت فرضا، وورد في قطيعة الرحم نهي جازم فكانت حراما.
اما الاقارب فهم المقصودون في قوله تعالى (وات ذا القربى حقه ) والمقصودون في قوله تعالى (وعلى الوارث مثل ذلك ) فالاقارب الذين صلتهم مندوبة هم الذين اوجب الله على المرء نفقتهم، وهذا يشمل جميع اصحاب الفروض وجميع العصبات، فهولاء جميعهم صلتهم مندوبة وليست فرضا، اما الانفاق عليهم فانه من الفروض وليس من الصلة لانه فرض حسب تفصيله .
واما الارحام فهناك ذوو الارحام وهناك صلة الارحام .فاما ذوو الارحام فاه كل من ادلى للشخص بسبب، وهم الخال والخالة، والجد للام، وولد البنت،وولد الاخت، وبنت الاخ، وبنت العم،والعمة والعم للام، وابن الاخ لام، ومن ادلى باحد منهم .هؤلاء ذوو الارحام المقصودون في قوله تعالى ( واولو الارحام بعضهم اولى ببعض ) وهم الذين ينصرف اليهم المعنى حين يقال اولو الارحام او ذوو الارحام وهؤلاء منهم من هو رحم محرم كالخالة ومنهم من هو رحم غير محرم كبنت العم . هذا بالنسبة للارحام اما بالنسبة لصلة الارحام فانها خاصة بالرحم المحرم،ولا تشمل الرحم غير المحرم،فاحاديث صلة الارحام التي ورد فيها الوعيد المراد منها الرحم التي يحرم النكاح بينهما بحيث لو احدهما ذكر حرم على الاخر. وعليه فان صلة بنت العم وبنت الخال غير واجبة لانها غير محرم . والدليل على ان الرحم في صلة الارحام لا يدخل فيه الرحم غير المحرم امران : احدهما ان غير المحرم قد حرم عليه الخلوة بها وحرم عليه النظر الى غير وجهها وكفيها،وحرم عليه ان يختلط بها، وهذا ينافي اعمال الصلة من الزيارة والهدية والمخالطة والجلوس،فوجود التناقض في واقع الصلة بين صلة غير المحرم وبين ما حرمه الله، يجعل الصلة خاصة بالرحم المحرم .وهذا من فهم واقع النص،فهو ليس من قبيل تخصيص العام بل من قبيل مدلول النص، فمدلول الصلة في صلة الرحم يعني صلة غير من حرم الله عليه بعض اعمال الصلة . والامر الثاني هو ان الرسول نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها وقال( انكم ان تفعلوا ذلك تقطعوا ارحامكم ) .فوصف نكاح المرأة مع عمتها بأنه قاطع للرحم، فتحريم عمة الزوجة وخالتها وهي غير محرمة على الرجل لان كلا منهم من ارحام الزوجة معناه ان جواز نكاح الارحام يوجد قطيعة الرحم فهذا قرينة على ان الرحم هو من لا يجوز نكاحها،فهو قرينة على دلالة لفظ الصلة في صلة الرحم وليس تخصيصا لحديث صلة الرحم .
فهذا الامران قرينة على ان المراد بالصلة في قوله عليه السلام (وصلوا الارحام ) المراد بها اي بالصلة الرحم المحرم فلا يدخل فيها الرحم غير المحرم .وصلة الارحام تكون بعدة اشياء منها الزيارة في الاعياد والمناسبات، ومنها تفقد الرحم وتفقد حاله، ومنها التغافل عن زلاته ولو كثرت،ومنها الاهداء اليهم في الاعياد والمناسبات وفي غير الاعياد والمناسبات، ومنها الدفاع عنهم وعن اولادهم ومن يهمهم امره، ومنها قضاء حاجاتهم وحاجات امرهم . وبالجملة هي فعل ما يقدر عليه من الخير وابعاد ما يقدر عليه من الشر عنهم، فان قصر عما يقدر عليه وعما يليق به، سواء اكان من فعل الخير او من دفع الشر، فانه لا يكون قد قام بصلة الرحم . واما قطيعة الرحم فيه ان لا يتفضل على رحمه ولا يقبل تفضلا من رحمه بالزيارة والهدية وغير ذلك، فمن يصل رحمه لا يكون قاطعا، ومن لا يصل رحمه كذلك لا يكون قاطعا،فالقطيعة هي الاساءة الى الرحم فكل اساءة الى الرحم مهما قلت هي قطيعة للرحم .
عبد بكر Admin
عدد الرسائل : 329 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 11/05/2008